مساحة إعلانية

كل عام أنتم بخير

الأحد، 15 مارس 2020

للمتخصصين ومحبي النحو(٢) حالة الجزم هل تدل على معنى؟

للمتخصصين ومحبي النحو(٢)
حالة الجزم
هل تدل على معنى؟
يجمع جمهور النحاة - عدا قطربا - على أن الإعراب قد دخل الكلام في اللغة العربية
للتفرقة بين المعاني الوظيفية المختلفة التي يمكن أن تتوارد
على الكلمة الواحدة من فاعلية ومفعولية وإضافة .
وقد ذهب جمهور النحاة إلى أن
حالة الرفع هي علامة على معنى الفاعلية وما يشبهها، وأن حالة النصب هي علامة على معنى المفعولية وما يشبهها ،
وأن حالة الجر هي علامة على معنى الإضافة وما يشبهها.
أما حالة الجزم فقد سكتوا عن الحديث عن معناها ؛ وذلك - فيما أرى - على أساس أن حالة الجزم هي حالة خاصة بالأفعال ، والإعراب في الأفعال فرع وليس أصلا . ومن ثم فإن الإعراب في الأفعال لا يدل على معنى عند جمهور النحاة.
والذي أراه أن حالة الجزم لها معناها الخاص الذي تدل عليه
مثل سائر الحالات الإعرابية الثلاث ( الرفع والنصب والجر).
ذلك أننا إذا ما تأملنا صور الجزم المختلفة في الأفعال فإننا نجدها تنحصر في معنى الطلب وجوابه أوما يشبهه .
ويمكننا أن نجمل صور الجزم في اللغة العربية في الأمثلة الأربعة الآتية :
١- اذكر الله.
٢- فلتذكر الله.
٣- اذكر الله يذكرك.
٤- إن تذكر الله يذكرك.
- فالصورة الأولى
تتمثل في فعل الأمر ، إذ تلحقه علامات الجزم، بصرف النظر عن كون الجزم فيه حالة بناء أو حالة إعراب.
والأمر هو الأصل في الدلالة على معنى الطلب ؛ لأنه يدل على هذا المعنى بصيغته، وليس بتأثير من أي عامل خارجي . مثل :
( اذكر - اذكري- اذكرا - اذكروا - اذكرن ).
- والصورة الثانية:
تتمثل في الفعل المضارع الذي تدخل عليه أحد الأحرف التي تجزم فعلا واحدا ، وهي لام الأمر ، ولا الناهية ، ولم ، ولما .
ومن الملاحظ أن لام الأمر ولا الناهية تدلان على الطلب دلالة مباشرة ، وأن لم ولما تدلان على الطلب دلالة غير مباشرة ؛ وذلك لأن النفي والنهي - في أبواب النحوالعربي - من واد واحد .
إذ يشتركان في الدلالة على امتناع وقوع الفعل ، ولذلك فكثيرا ما يحمل أحدهما على الآخر في أبواب النحو المختلفة
- والصورة الثالثة :
تتمثل في الفعل المضارع المجزوم في جواب الطلب ، مثلما في قوله سبحانه : ( فاذكروني أذكركم ).
وقوله:(ادعوني أستجب لكم).
- والصورة الرابعة والأخيرة
تتمثل في فعل الشرط الجازم وجوابه .
مثلما في قوله سبحانه :
( إن تنصروا الله ينصركم )
وأرى أن الشرط - في الغالب - طلب غير مباشر ، ذلك أن المقصود من الشرط هنا هو الطلب ، إذ المراد من الآية الكريمة السابقة :
( انصروا الله ينصركم ).
وقد ذهب النحاة القدماء إلى أن جزم المضارع الواقع في جواب الطلب في الصورة السابقة يعد جوابا لشرط مقدر ،
وكأن معنى الشرط هو الأصل في الجزم ، والواقع أن هذا فهم معكوس للقضية ، ذلك أن معنى الطلب - فيما أرى - هو الأصل الموجب للجزم، وليس معنى الشرط ، والأدلة على ذلك عندي ما يأتي :
الأول : أن حالة الجزم في جواب الطلب لا تحتاج إلى عامل خارجي يدخل على الفعل، أما الشرط فلا بد له من أداة خارجية تدل على معنى الشرط ، تدخل على الفعل وتؤثر فيه بالجزم، ومن ثوابت النحو العربي أن البسيط قبل المركب .
والثاني:
أنه لو كان معنى الشرط هو عامل الجزم لما كان لدينا في النحو أدوات شرط جازمة وأدوات شرط غير جازمة .
والثالث :
أننا نلاحظ أن معظم أدوات الشرط الجازمة تتضمن معنى الطلب ولو بطريق غير مباشر.
وأن كل أدوات الشرط غير الجازمة لا تتضمن على الإطلاق معنى الطلب .
مما يؤكد أن معنى الطلب هو الأصل الموجب للجزم .
وأن حالة الجزم في العربية
لها معنى وظيفي داخل الجملة
- مثل سائر الحالات الإعرابية الأخرى - وهو الدلالة على معنى الطلب وجوابه، أو ما يشبهه من الشرط .
وبناء على هذا يمكن القول بأن علة امتناع وقوع الجزم في الأسماء في اللغة العربية تتمثل في امتناع دلالة الاسم على الطلب .
هذا وبالله التوفيق .
أ. د.مفرح سعفان

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: الروائع الأميرية 2016 © تصميم : كن مدون