مساحة إعلانية

كل عام أنتم بخير

الأحد، 15 مارس 2020

الإعراب بين مراعاة الشكل و مراعاة المعنى هل يصير الفاعل مفعولا به ؟!

الإعراب بين مراعاة الشكل و مراعاة المعنى
هل يصير الفاعل مفعولا به ؟!
من الطريف والعجيب في صناعة الإعراب أننا نجد الفاعل في المعنى قد يعرب مفعولا به في بعض الأحيان . ومن ذلك مثلا ما نلاحظه في الحالتين الآتيتين :
-الحالة الأولى :
عند إعراب المتعجب منه في صيغتي التعجب
القياسيتين ( ما أفعله) و( أفعل به) .
فعندما نريد مثلا التعجب من جمال السماء فإننا
نقول:
- أجمل بالسماء!
- ما أجمل السماء!
وعند إعراب هاتين الجملتين فإننا نلقن أبناءنا الطلاب هذا الإعراب
- أجمل: فعل ماض على صورة الأمر.....
الباء: حرف جر زائد....
السماء: اسم مجرور بالباء لفظا مرفوع محلا
فاعل لفعل التعجب.
- ما: تعجبية مبتدأ........
أجمل: فعل ماض فعل تعجب....
وفاعله ضمير مستتر يعود على ( ما)
والجملة من فعل التعجب وفاعله
في محل رفع خبر (ما) .
والسماء: مفعول به لفعل التعجب.......
فمع أن المتعجب منه في الجملتين واحد وهو
( السماء)، ومعنى الجملتين واحد وهو ( جملت السماء)، فقد أعربوها في الجملة الأولى فاعلا،
وأعربوها في الجملة الثانية مفعولا به. وفي ذلك خلط واضح بين مراعاة الشكل ومراعاة المعنى .
- والحالة الثانية :
عند إعراب معمول الصفة المشبهة.
فالأصل فيه أن يكون مرفوعا على اعتبار أنه فاعل
للصفة المشبهة . مثل كلمة وجهه في قولنا :
(زيد حسن وجهه).
ولكن معمول الصفة المشبهة هذا قد يأتي منصوبا، وله في هذه الحالة شكلان :
فإما أن يكون نكرة كما في قولنا: (زيد حسن وجها) فيكون منصوبا على التمييز.
وإما أن يكون معرفة، كما في قولنا: ( زيد حسن الوجه) - بنصب الوجه - فهنا يقرر جمهور النحاة أنه منصوب على التشبيه بالمفعول به.
فلا يجوز عندهم أن يعرب تمييزا ؛ لأن التمييز لايكون إلا نكرة. كما لا يجوز أن يعرب مفعولا به ؛ لأن الصفة المشبهة فعلها لازم، والفعل اللازم لا يجوز أن ينصب المفعول به.
وهذا الإعراب في حقيقة الأمر ينظر فقط إلى
الشكل ولا ينظر إلى المعنى، وذلك لأن الوجه هنا - في هذه الجملة الأخيرة - هو الفاعل في المعنى
للصفة المشبهة ( حسن).
ولو أنهم قالوا في إعراب كلمة ( الوجه) هنا إنه مبني على ما ينصب به في محل رفع فاعل للصفة المشبهة، لكان أقرب عندي إلى الصواب ، لأننا بهذا الإعراب نكون قد حافظنا على معنى الفاعلية الأصلي فيه في هذه الجملة.
وذلك مثلما فعل النحاة في إعراب المنادى العلم
المفرد والنكرة المقصودة، حيث يقولون في إعراب
كل منهما :
منادى مبني على مايرفع به في محل نصب مفعول به.
وذلك ليحافظوا على معنى المفعولية الأصلي المطرد في المنادى المضاف والشبيه بالمضاف.
إن الخلط بين مراعاة الشكل ومراعاة المعنى يعد
- في تصوري - من أهم الآفات التي عكرت صفو
النحو العربي، والتي تحتاج إلى مزيد من الدراسات
لإعادة النظر فيها، وذلك لتكون خدمة المعنى هي الغاية من التحليل النحوي، لأنه لولا المعنى ما كان
الكلام.
هذا وبالله التوفيق.
د / مفرح السيد سعفان، ،،

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: الروائع الأميرية 2016 © تصميم : كن مدون