مساحة إعلانية

كل عام أنتم بخير

الأحد، 15 مارس 2020

من قوانين العربية أمن اللبس

من قوانين العربية
أمن اللبس
لقد خلق الله الإنسان، وألهمه الكلام، وعلمه
البيان، لتكون اللغة وسيلة للإفادةوالتفاهم والإفهام، لا لتكون وسيلة للبس والغموض والإبهام .
لتتحقق بذلك وظيفة التواصل التي هي من أهم غايات اللغة الإنسانية.
ولذلك تسعى اللغة العربية دائما للقضاء على أي
ظاهرة يمكن أن تؤدي إلى الوقوع في اللبس.
وتتعدد السبل وتتنوع طرائق العربية لتحقيق أمن
اللبس. فمن أهمها ما يأتي :
1- أمن اللبس بالحذف :
ومنه حذف الألف من ( ما) الاستفهامية - إذا سبقت بحرف جر - للتفرقة بينها وبين (ما) الموصولة.
فإذا قلنا: عم تبحث؟ كانت استفهاما.
وإذا قلنا: أنا أبحث عما تبحث عنه.
كانت (ما) هنا اسم موصول بمعنى الذي.
2- أمن اللبس بالزيادة:
ومنه زيادة ضمير الفصل للتفرقة بين النعت
والخبر . فإذا قلنا: زيد الكريم.
احتمل ( الكريم) أن يكون خبرا، وأن يكون نعتا والخبر لم يأت بعد.
ولكننا إذا قلنا: زيد هو الكريم.
تعين أن يكون ( الكريم) خبرا، وزال احتمال كونه
نعتا.
3- أمن اللبس بتغيير الحركة :
ومنه فتح همزة صيغة الجمع ( أفعال) للتفرقة بينها
وبين ( إفعال ) مصدر ( أفعل).
فالأعداد جمع عدد، والإعداد مصدر ( أعد).
والأحياء جمع حي، والإحياء مصدر ( أحيى ).
والأخبار جمع خبر ، والإخبار مصدر ( أخبر).
4- أمن اللبس بتعددالأبنية:
ومنه جمع (فعيلة) على صيغة ( فعائل) إذا كانت اسما، مثل: شريعة وشرائع وحديقة حدائق.
وجمعها على صيغة ( فعال) إذا كانت صفة، مثل :
سمينة وسمان وغليظة وغلاظ.
ولذلك فإن كلمة ( كبيرة) إذا كانت اسما جمعت على ( كبائر) وإذا كانت صفة جمعت على (كبار).
فنقول مثلا: هذه امرأة من كبار السن. ولا نقول:
من كبائر السن، للتفرقة بين جمع الاسم وجمع الصفة.
5- أمن اللبس بالقلب:
ومنه قلب تاء التأنيث في الاسم هاء عند الوقف،
للتفرقة بين الاسم والفعل.
فعندما نقول: (كتبت) أظهرنا التاء لنعلم أنها فعل،
وعندما نقول ( كتبة) وقفنا عليها بالهاء لنعلم أنها
جمع ( كاتب).
وكذلك ( سحرت) و( سحرة)
و(طلبت) و ( طلبة) وغيرها....
وفي لغتنا العربية المعاصرة نكتب الاسم العلم المذكر ( عزت) بالتاء المفتوحة، وذلك للتفرقة بينه وبين العلم المؤنث ( عزة)، مع أن المعنى واحد.
6- أمن اللبس بالإدغام :
فإذا قلنا مثلا: ما أحسننا!
كان تعجبا.
ولكننا إذا أدغمنا فقلنا: ما أحسنا.
كان نفيا.
7- أمن اللبس بكسر القاعدة :
ومنه على سبيل المثال جمعنا كلمة ( جامعة) على
( جامعات).
مع أن الأصل في ( فاعلة) أن تجمع على صيغة ( فواعل) ؛ مثل: فاكهة وفواكه - قاعدة وقواعد - ناصية ونواص......
ولكننا لا نجمعها على ( جوامع) حتى لا تلتبس بجمع كلمة ( جامع).
فلو قيل مثلا : ( المجلس الأعلى للجوامع)
لظن الناس أنه مجلس تابع لوزارة الأوقاف،
وليس تابعا لوزارة التعليم العالي.
وهكذا تسعى العربية دائما لإزالة أي ظاهرة يمكن أن تؤدي إلى الوقوع في اللبس، وذلك لكي تحافظ
على وظيفة الإفادة والإفهام لتحقيق غاية التواصل
والتفاهم بين أبنائها.
ومن ثم فإن إزالة اللبس لا تعد فقط قانونا من قوانين العربية ، بل هي غاية من أهم غاياتها، فهي
تعبر عن منطق اللغة، ومنطق العقل، ومنطق العلم، ومنطق الحياة.
ولذلك فإنني لا أتفق أبدا مع هؤلاء الذين يؤثرون
استعمال لغة الغموض أو اللغة المقعرة في كتاباتهم.
التي تعتمد الألفاظ الغامضة أو المضللة، والمصطلحات الجوفاء أو المبهمة.
ويدعون العبقرية ، وهم عندي أبعد ما يكونون عن منطق العقل.
و يدعون العلمانية، وهم عندي أبعد ما يكونون عن منطق العلم.
فاللغة وسيلة للبيان والإفادة والإفهام،
وليست وسيلة للإلغاز والغموض والإبهام.
وبالله التوفيق،،،،،
أ.د.مفرح سعفان

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: الروائع الأميرية 2016 © تصميم : كن مدون