مساحة إعلانية

كل عام أنتم بخير

الاثنين، 16 مارس 2020

مواقف وعبر 💢عظـوه وبَصِّـروه 💢بقلم ا.د.محمد محمد داود

مواقف وعبر
💢عظـوه وبَصِّـروه
💢بقلم ا.د.محمد محمد داود
مر أبو الدرداء
بجماعة قد اجتمعوا على رجل يضـربونه ويشتمونه، فسألهم عن خبره. 👈فقالوا: رجلٌ وَقَع فى ذنب كبير. فقال لهم: أرأيتم لو وقع فى بئر ماذا كنتم تفعلون؟
👈قالوا: نخرجه من البئر. فقال لهم: إذن لا تَسُبُّوه ولا تضربوه، وإنما عِظوه، وبصِّروه، واحمدوا الله الذى عافاكم من الوقوع فى ذنبه. قالوا: أفلا تبغضه يا أبا الدرداء؟! 👈فقال لهم: إنما أبغض فعله السيئ، فإن رجع عنه فهو أخى. فبكى الرجل المذنب، وتاب من فوره.
*****
هذا الموقف من أبى الدرداء يتسم بالحكمة فى إصلاح النفوس؛ كما يقدم لها فقهًا عظيمًا فى كيفية تغيير المنكر.
 فأما عن الدلالة الأولى فى هذا الموقف: وهى دَرْسُ الحكمة فى إصلاح النفوس، فيظهر ذلك من الخطاب المقنع الذى أقامه أبو الدرداء مع الرجال الضاربين للرجل المذنب، ولجأ فى حواره إلى ضرب المثل؛ لتقريب المعنى المراد، وليكون الكلام أكثر إقناعًا.
👈فقال لهم: أرأيتم لو وقع فى بئر، ماذا كنتم تفعلون؟! وهذا سؤال يحرك فيهم روح الإنقاذ والإعانة والإغاثة لمن وقع فى كرب أو شدة؛ ولذلك كانت الإجابة منهم: نخرجه من البئر.📜
وبعد أن أسس ومهَّد أبو الدرداء لنصيحته التى يرغب فى أن يوجهها لهؤلاء الرجال، أصبح الطريق مفتوحًا فى قلوبهم وعقولهم لنصيحته. فقال لهم: إذن لا تسبوه ولا تضربوه، وإنما عظوه وبَصّروه. 💕 ثم قال يذكرهم بأن ما هم فيه من طاعة، هو من توفيق الله تعالى لهم وفضل الله تعالى عليهم وليس من أنفسهم، فليحمدوا الله تعالى على توفيقه لهم، 💕يظهر هذا المعنى من قول 💢أبى الدرداء للرجال: واحمدوا الله الذى عافاكم من الوقوع فى ذنبه.💢
 وأما عن الدلالة الثانية فى هذا الموقف فهى: فقه تغيير المنكر، فالعقاب وسيلة من وسائل تغيير المنكر يختص بها ولى الأمر، كل فى موقعه، الرجل فى بيته، المدير فى عمله.
.. 🍂وهكذا. أما على مستوى الدعوة إلى الله تعالى، وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية فلا مكان لوسيلة العقاب، وإنما تكون المقدمة للحوار المقنع الذى يسيطر على العقول والقلوب، فيحدث التحول العظيم للإنسان من مظاهر الشر إلى الخير والفضيلة.🍂
■فإن كان العقاب وسيلة للسيطرة على الجسد وأعضائه، فإن الحوار المقنع وسيلة للسيطرة على الفكر والمشاعر.□●□●
♡♡ولقد حَوَّل رسول الله مجتمعًا كاملًا من الضلال إلى الهداية عن طريق الإقناع العقلى والتأثير فى المشاعر،
قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ (آل عمران/164).
📋واهتدى الصحابة بهدى رسول الله فى إحداث التغيير فى المجتمع عن طريق الفكر والقلب، وهذا عمر بن الخطاب يعطى شاعرًا كان يهجو الناس بسبب شدة الفاقة والحاجة، فلما أغناه عمر انقطع الشاعر عن هجاء الناس، فأصبح الناس يتحدثون: لقد قطع أمير المؤمنين لسان الشاعر بكرم عطائه.
 دلالة ثالثة فى هذا الموقف وهى: الأثر الطيب للأسلوب الحكيم لأبى الدرداء فى معالجة هذا الشجار والاشتباك، حيث تحول الضاربون إلى واعظين. تحولوا من جهد الإدانة إلى جهد الإعانة، وأيضًا تحول الرجل بقلبه وعقله عن الضلال والذنب وأعلن توبته.
ومن هنا يتضح لنا أن المسىء المذنب يحتاج دعمًا من الصالحين؛ لتقوية روح الخير والإيمان بداخله، بدلا من أن نحمل عليه بالضرب والعقاب، فيتمادى، ونكون عونًا للشيطان عليه.🌹🌹
لتحميل نسخة pdf من خلال هذا الرابط
http://dawoodfile@mohameddawood.com/dawoodf…/dawoodbooks/moakf%20wa%20aber.pdf

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: الروائع الأميرية 2016 © تصميم : كن مدون